الأربعاء، 13 يونيو 2012

انوبيس


أنوبيس


أنوبيس هو الإسم اليوناني لإله الموتى القديم ذو رأس الضبع في الميثولوجية المصرية التي تلفظه الهيروغليفية بالإسم الأصح "أنبو" (أيضاً، آنوب، آنوبو، وب ، آينبو ، ينيبو، إنبو ). ويعرف أيضاً بـ سخم إم بت. صلوات لأنوبيس وجدت منحوتة في المقابر القديمة جداً في مصر. في كتابة اوناس (سطر 70) يتم تشريكه مع "عين هوروس". أنوبيس يخدم كدليل للموتى المؤخرين وحارس الدنيا السفلى. وقد انتقلت عبادته تدريجياً منذ عهد الأسرة الخامسة إِلى الإِله أوزيريس, الذي احتلت عبادته أعظم منزلة في الديانة المصرية القديمة[2]
ميلاده
والمعبود "أنوبيس" هو الابن الرابع للمعبود "رع"، وفى رواية أخرى فى العصر المتأخر ذكرت أن "نبت حات" (نفتيس) قد حملت به من "أوزير"؛ وخوفاً من زوجها "ست" ألقت به فى مكان ما بالدلتا، ولكن "إيزة" وجدته وصار حارسها، ولذا يقال أن "إنبـو" هو (ابن إيـزة).
أسماؤه
يعرف فى النصوص المصرية القديمة باسم (Inpw)، أى: (الابن الملكى). ويذكر "بَدچ" (Budge) أن كلمة (inp) تعنى: (يتعفن)، وهو ما يوضح صلة المعبود "أنوبيس" بالجثث والأموات، تلك التى تتعفن إن لم تُحفظ حفظاً جيداً.
ويرى البعض الآخر أن الكلمة بمعنى: (ضم، ربط، لفَّ فى لفافة)، وهو شأن المومياء الملفوفة فى اللفائف الكتانية، والتى يقوم "أنوبيس" بحراستها. فى حين فسر البعض الكلمة على أنها تعنى (الأمير، الطفل الملكى)، كناية عن انتمائه بالبنوة للمعبود "أوزير". وقد حُرف الاسم المصرى "إنبـو" فى اليونانية إلى "أنوبيس" بعد إضافة حرف (س) الدال على الأعلام.
وقد حمل المعبود "أنوبيس" العديد من الألقاب، مثل: "خنتى إمنتيو"، أى: (إمام الغربيين، إشارة إلى الموتى المدفونين فى المقابر فى الغرب، وهو من ألقاب "أوزير" أيضاً.وعرف أيضاً باللقب "خنتى سَح نثر" (xnty sH-nTr)، أى: (رئيس السرادق أو الخيمة الإلهية أو المقدسة)، وذلك إشارة إلى المكان الذى تتم فيه عملية التحنيط.
وعرف أيضاً باللقب "خنتى سَح نثر" (xnty sH-nTr)، أى: (رئيس السرادق أو الخيمة الإلهية أو المقدسة)، وذلك إشارة إلى المكان الذى تتم فيه عملية التحنيط.
كما عرف أيضاً باللقب (tpy Dw.f)، أى: (الذى يعلو جبله)، أو: (الرابض فوق جبله، فى إشارة إلى المناطق الجبلية والصحراوية التى تمثل الجبانات، حيث يعتبر "أنوبيس" سيد الجبانة، فهو الذى يقوم بحماية الموتى.
وعرف أيضاً بـ (Nb tA-sDr)، أى: (سيد الأرض المقدسة)، ويقصد بها الجبانة. وعرف أيضاً بـ (imy-wt)، أى: (الذى فى لفائفه، أو: فى خيمته). وعرف أيضاً بـ (Nb tA R-stAw)، أى: (سيد جبانة "روستـاو"، وهو اسم لجبانة "منف"، وأحد أسماء مملكة الموتى والعالم الآخر) . وعرف أيضاً بـ (iri n xAt)، أى: (رئيس الميزان)، و(محصى أو معد القلوب)، نظراً لدوره فى مشهد المحاكمة ووزن قلب المتوفى.
ألقاب هذا الإله وأسماؤه : "المقدم على الغربيين" "إمام الموتى". رب جبانة أبيدوس القديم. يأخذ الكلب. منذ نهاية الدولة القديمة أصبح لقباً للإله "أوزيريس" بعد أن أدمج معه.
وابن آوى هو الحيوان المقدس للرب وبواووت وأنوبيس رب التحنيط.
وابن آوى أو الذئب، وكان يقود المتوفى في العالم الآخر، وأحياناً ما كان يتجسد في شكل حيوان (ابن آوى)، وقد اعتبر إلهاً جنائزياً عظيماً، وكان له معابد كرست لعبادته في مصر الوسطى، في مدينة أطلق عليها الإغريق اسم (كينو بواس) بمعنى : مدينة الكلاب.
وأنوبيس هو رب التحنيط، كان يتمثل فى هيئة رجل برأس ابن آوى أو ابن آوى أسود اللون، وكان يعتبر كذلك رب الموتى.
العبادة
عُبد "أنوبيس" فى "القيس" عاصمة الإقليم السابع عشر من أقاليم مصر العليا، والذى كان يُعرف باسم (إنبـو)، وعرفه اليونانيون باسم "كينوبوليس"، أى: (مدينة الكلب). وتقع المدينة جنوب غرب "بنى مزار" بمحافظة المنيا، على الضفة الشرقية لبحر يوسف.
كما عُبد "إنبـو" فى مناطق أخرى عديدة، مثل "أبيدوس"، و"الحيبة" (الإقليم الثامن عشر لمصر العليا)، و"دير الجبراوى" بالإقليم الثانى عشر لمصر العليا، و"الدير البحرى"، وفى بلاد "النوبـة" حيث عُرف فى معبـد "أبو سمبل" بلقب (سيد النوبـة). كما كان له معبد فى "أسـيوط".
أنوبيس حاملا قرص القمر
ولقد صور أنوبيس في أسطورة الولادة الإلهية للفرعون حتشبسوت والفرعون أمنحوتب الثالث ، ولقد صور المعبود الذي برأس ابن آوى، على قطعة الكارتوناج المعروضة، وقد أتى حاملا قرص القمر؛ متمنيا للمتوفى طول البقاء في الحياة الآخرة. وهو يرتدي صدرية ذهبية، ونقبة قصيرة بذيل طويل يتدلى من الأمام، وزوجا من الصنادل. وتتدلى قطعة قماش بيضاء عريضة من الخلف، ملامسة للقدمين.
إله الموتى

رأى المصريون فى ابن آوى العدوَّ اللدود لجثث الموتى، حيث يقوم بنبش القبور والعبث بالجثث، ولعل ذلك كان السبب وراء تقديسه كرب للموتى وحامٍ للجبانة، وذلك اتقاء شرِّه.[3]
وقد حظى بهذه المكانة من العبادة والتقديس نظراً للدور الذى لعبه فى قصة "أوزير"، حيث قام "أنوبيس" بتحنيطه وإقامة الطقوس والشعائر له. وقد اكتسب اللون فى هيئته من لون الجسد بعد تحنيطه.
التصوير

"أنوبيس" بهيئة بشرية كاملة من مقبرة "تا وسرت"، وادى الملوك، الأسرة التاسعة عشرة
وقد مثله المصريون على هيئة كلب يربض على قاعدة تمثل واجهة المقبرة أو في وضع مزدوج متقابل ومثل كذلك على هيئة إنسان برأس كلب jackals. يعد حامياً وحارساً للجبانة ، وأتخذ كذلك صفة "المحنط" لأنه قام بتحنيط الإله "أوزيريس" وتبعاً لإحدى الأساطير فإن أبوه هو "أوزيريس" وأمه هي "نفتيس".
رمزه مكون من جلد حيوان مُقيد من أطرافه الأربعة على قائم خشبى، فصلت رأسه وقطعت مخالبه. وهذا الشكل قُصد به التعبير عن هيئة مسالمة لهذا الحيوان.
وقد تباينت الآراء حول تفسير رمزه، فرأى البعض أنه عبارة عن جلد معلق فوق دعامة من نبات مثبت على قاعدة، فى حين يرى البعض الآخر أنه ثور منقط باللون الأسود والأبيض، مذبوح حديثاً ومعلق على دعامة، ويُقطر منه الدم فى إناء. ومن أشهر رموزه أيضاً سعف أشجار ذكور النخيل، باعتباره من علامات الجبانة.
مهامه
محكمة الموتى


"أنوبيس" يقوم بطقسة وزن القلب"بردية كتاب الموتى"
لعب المعبود "أنوبيس" أدواراً بالغة الأهمية فى (محكمة الموتى)، حيث اعتبر هو المسئول عن وزن قلب المتوفى فى قاعة المحكمة، إذ يقوم باستقبال المتوفى فى قاعة "أوزير". ويصور عادة أسفل الميزان واقفاً أو راكعاً.
التحنيط
لعب المعبود "أنوبيس" أدواراً فى عملية التحنيط
لعب دوراً رئيساً فى عملية التحنيط، والذى يعد أهم أدواره، إذ يقوم بعملية تطهير الجثة ودهنها وتحنيطها، ثم لفها فى اللفائف الكتانية. وقد ارتبط بعملية التحنيط من خلال دوره فى تحنيط المعبود "أوزير" فى أسطورة "أوزير" (ويوجد منظر لتحنيط "أوزير" بواسطة "أنوبيس" على تابوت للمدعو "سوبك عا"، من الدولة الوسطى، حالياً بمتحف "برلين").
والمعروف من أسطورة أوزيريس أنه قتل وقطع جسده آراباً بعثرت في أماكن مختلفة من مصر, وادعت مناطق كثيرة منها شرف احتوائها على أجزاء من ذلك الجسد. أما أبيدوس فكان لها شرف احتواء رأس أوزيريس, وترسخ الاعتقاد بأن مدفن الملك دجر أحد ملوك الأسرة الأولى هو الذي دفن فيه ذلك الرأس.
فقد كان بالنسبة للمصريين حامى كلا من المومياء والمقبرة. وهو أول محنط، الذي حنط جسد أوزوريس.
وأنوبيس هو ابن آوى الأسود الحيوان الذي جسد المعبود الذي افترض أنه يحمي الجبانة ؛ وعلى هذا أصبح المعبود الراعي للتحنيط. وكان أنوبيس يصور في المشاهد الجنائزية وهو يرشد المتوفى إلى أوزوريس في ساحة العدالة. وكان المحنطون للجثث يرتدون أقنعة بشكل رأس ابن آوى.
وقد ارتبط "أنوبيس" أيضاً بطقسة (فتح الفم)، وذلك فى "نصوص الأهرام"، حيث يرتدى الكاهن الذى يؤدى الشعيرة قناعاً لأنوبيس. وتتم هذه الطقسة بعد عملية التحنيط للمتوفى بهدف منح المتوفى المقدرة على استخدام فمه وشتى جوارحه بشكل طبيعى فى الحياة الأخرى.


"أنوبيس" يقوم بطقسة فتح الفم"بردية كتاب الموتى"
كما ارتبط بشكل واضح بصيغ التقدمة الجنائزية (Htp-di-nsw) فى مقابر الأفراد من عصر الدولة القديمة، والتى سجلت على الأبواب الوهمية، وأعتاب المداخل، واللوحات الجنائزية.
واتحد "أنوبيس" مع الملك فى "نصوص الأهرام"، حيث كان الملك يوصف بأن (له جسد "آتوم"، ووجه "أنوبيس")؛ كما أنه اعتبر (الابن الملكى المسئول عن تحنيط الملك المتوفى).
ارتباطه بالآلهة الأخرى
كما ارتبط المعبود "أنوبيس" بالعديد من الأرباب، فقد ارتبط بالمعبود "أوزير" فى علاقة وثيقة بوصفه (رب الموتى) وكون "أنوبيس" ابناً لأوزير. كما اكتسب "أنوبيس" صبغة اللون الأسود الخاص بأوزير، علاوة على أن "أنوبيس" هو الذى قام بتحنيط "أوزير". وظهر المعبودان معاً فى (محكمة الموتى)، وفى العديد من النصوص والمناظر.
كما ارتبط "أنوبيس" بأبناء "حورس" الأربعة، والذين أطلقت أسماؤهم على الأوانى الكانوبية الخاصة بالتحنيط، وخُص كل واحد منهم بحماية محتويات أحد هذه الأوانى. وارتبط كذلك بالمعبود "جحوتى"، والذى يصاحبه عادة فى مشهد محاكمة الموتى.
كما ارتبط بالقمر، وصور فى بعض المناظر وهو يدفع قرص القمر أمامه، كما فى معبد "الدير البحرى"، و"الأقصر"، وماميزى (حجرة الولادة) بمعبدى "دندرة" و"إدفو"، وذلك كرمز لإعادة الولادة والتجدد.
وقد ظهر "أنوبيس" فى علاقة مع العديد من المعبودات الأخرى.
تصورات خارج مصر
وقد تحولت عبادة "أنوبيس" فى العصر البطلمى لعبادة كونية، وأُدمج مع الإله اليونانى "هرمس"، مرشد الأرواح عند اليونانيين.




الأحد، 10 يونيو 2012

امون ( اله الاله المصرية القديمة )


أمون

أمون بالإنجليزية Amun ، باليونانية μμων ، هو إله الريح و الخصوبة؛ أحد الآلهة الرئيسيين في الميثولوجيا المصرية، وهو رب "طيبة"، ورأس ثالوثها، وعضو ثامون "الأشمونين". اندمج مع المعبود "رع" تحت اسم "آمون - رع"، وبذلك رُبط "آمون" بعقيدة الشمس، وتبوأ مكانة الإله الرسمى للدولة منذ الأسرة الثانية عشرة، واستمر كذلك معظم فترات التاريخ المصرى القديم.[1]
الاسم
معنى اسمه الخفي. من العسير معرفة كيف كان اسمه ينطق بالضبط لأن الكتابة المصرية القديمة الهيروغليفية كانت تستعمل الحروف الساكنة (الصوامت)، فكان اسمه يكتبامن (Imn)و من الممكن أنه كان ينطق أَمِن مع إمالة الكسر إلى الفتح.
ووردت كلمة (Imn) كذلك كصفة بمعنى (الخفى، الباطن، السرى، الغيبى)، وتكتب غالباً بنفس أشكال كتابة الفعل. كما وردت كلمة (Imn) من عصر الدولة القديمة كصفة بمعنى: (الأيمن، الغربى)، أو تشير إلى (اليمين) باعتبار الكلمة اسماً.
وقد أخذ المعبود "آمون" اسمه من الصفة "الخَفِى"، والذى يعبر عن طبيعته المجسدة فى دوره كأحد أعضاء ثامون "الأشمونين"، وذلك لأول مرة وفق ما ورد ذكره فى (متون الأهرام) فى الفقرة رقم (446):

Dd mdw: pAt.k n.k Imn Hna Imnt قولُ كلماتٍ: أزليتُك يا "آمون" مع "أمونت".
وقد ورد اسم "آمون" لأول مرة فى عصر الدولة الوسطى على لوحين من الأسرة الحادية عشرة، عُثر على أحدهما فى مقبرة الملك "إنتف عا" بمنطقة "القرنة"، حيث وردت به عبارة: (pr-Imn)، أى: (بيت، أو: معبد "آمون"). أما اللوح الثانى فقد سجلت عليه أنشودة موجهة إلى كل من الربة "حتحور" والرب "آمون". واللوح خاص بالملك "إنتف واح عنخ" (إنتف الثانى)، عثر عليه بجبانة "دراع أبو النجا"، ومحفوظ الآن بمتحف "متروبوليتان" فى نيويورك.
وقد وجد نقش آخر مدون فى منطقة "وادى الحمامات" من عهد الملك "منتوحتب الرابع، نب تاوى رع"، ورد فيه اسم الوزير "أمنمحات" (Imn-m-HAt)، والذى انتسب فيه صاحبه إلى المعبود "آمون"؛ إذ يعنى اسمه (آمون فى المقدمة)، وهو الاسم الذى حمله بعض ملوك الأسرة الثانية عشرة بعد ذلك. وقد شغل "آمون" مكانة المعبود الرسمى فى مصر، وذلك عندما تمكن الملك "سحتب إيب رع" (أمنمحات الأول) من تأسيس الأسرة الثانية عشرة، فجعل منه المعبود الأول والرسمى للدولة.
الأسرة
الجيل الثاني
إلى جانب "آمون" الجد، والذى يمثل الجيل الأول، تتحدث النصوص عن جيل ثان لنفس المعبود، يتجسد فيه "آمـون" فى صورة حية أخرى تذكرها النصوص باسم (Ir-tA)، أى: (خالق الأرض). وتوصف هذه الحية بأنها (أبو الثامون)، وهذا يعنى أن "آمـون" فى صورة الحية "خالق الأرض" (ir-tA) ، يمثل ابناً لآمون الجد، وأباً للثامون. ويلاحظ أن هذا الجيل الثانى لآمون يتفق تماماً فى الصفات والخصائص مع "بتاح تا ثنن".
كما يتميز "آمون" فى جيله الثانى بأنه يتخذ عادة الهيئة الجنسية للمعبود "مـين"، وتطلق عليه النصوص عادة اسم (Imn-m-Ipt) (آمون فى الأقصر)، مع إضافة (n iAt TAmt)، أى: (الخاص بربوة "جيمة"). ويوصف بأنه: (الرب الحى، رئيس الأرباب، الثور)، ويتخذ لقب (حور، رافع الذراع).
وهذا الجيل الثانى لآمون، والذى يتخذ الهيئة الجنسية ويحمل اسم "آمون إم إيبت"، هو نفسه المعبود الذى يتجه فى موكب من معبد "الأقصر" عبر النيل إلى "مدينة هـابو" فى البر الغربى، حيث يقدم القرابين لأبيه "آمـون، كـم إتف"، وكذلك للثامون (أبنائه).
الجيل الثالث لآمون
وتضيف التصورات الدينية جيلاً ثالثاً يتمثل فى "الثامون" كأبناء، و المعبود "آمون" هو أيضاً أحد أعضاء الثامون، والذين هم أبناء "آمون إم إيبت" (أبو آباء الثامون). وقد كان لهذا "الثامون" دور مساعد له فى إتمام عملية الخلق، إذ أنهم خلقوا الضياء والشمس "رع". وقد وصف "آمون ام إيبت" بأنه (حـور، ابن إيـزة)، وهو هنا يعبر عن جيل ثالث وأخير فى إطار الأجيال الثلاثة لآمون، ويأتى هنا وفق رأى "زيته" كابنٍ لـ "آمـون إم إيبت" أيضاً، وحفيد "آمـون" الجد (كـم إتف)، وذلك فى إطار مفهوم " كا موت إف" الخاص بالمعبود "آمـون".
وقد كان الارتباط بمفهوم الخصوبة هو ما سهل للمعبود "آمون إم إيبت" القيام بدوره فى الربط بين الأجيال الثلاثة (الأب أو الجد، والزوج، والابن)، وبالتالى كانت زيارته لقبر أسلافه تخدم غرض الربط بين فترات الزمن (الماضى، والحاضر، والمستقبل)، والتى تجسدها هذه الأجيال الثلاثة.
وكان الهدف من ارتباط "آمـون" بلقب "كـا موت إف" هو ربطه بمفهوم الخصوبة بما يؤكد على النشأة الذاتية للمعبود، والتى تجعل من "آمـون" حلقة وصل بين أجياله الثلاثة، وتربطه بالتالى بمذاهب الخلق الثلاثة السابقة عليه، فتربطه بالمعبود "بتـاح" (فى مذهب "منف" فى الخلق)، والمعبود "رع" (فى مذهب عين شمس)، وثامون "الأشمونين" (فى مذهب الأشمونين).
وبذلك يتضح أن علاقة الاندماج بين "آمون-رع"، و"مـين" لم تكن أبداً مصادفة أو ناتجه عن التجاور المكانى لمركزى عبادتيهما (قـفط، وطيبة)، ولكن يبدو أن خلف تلك العلاقة دوافع دينية قوية، وكذلك دوافع سياسية، مؤداها أن رب الدولة الرسمى أراد أن يتقمص شخصية رب الخصوبة القديم (فى هيئته، وخصائصه، وألقابه)، مدعياً بذلك مقدرته على أداء نفس دوره الحيوى فى الكون، ليؤكد من خلال ذلك جدراته بأن يكون سيداً للكون، وملكاً للأرباب.

وهذا التأكيد الواضح على ارتباط "آمون - رع" بالصفة الإخصابية من خلال كل المظاهر السابقة - كان له دواعى سياسية ودينية هامة، وكان نابعاً من رغبة الكهنة فى التأكيد على سيادة معبودهم الجديد للكون. وقد جاء الثالوث الطيبى الذى شارك فيه المعبود "آمون - رع" كلاً من المعبودة "موت" (كزوجة، وأم)، والمعبود "خنسو" (كابن) تجسيداً واضحاً لهذه الفكرة، والذى جاء اختيار تلك العناصر الألوهية فيه مقصوداً فى حد ذاته لمشاركة المعبود "آمــون" فى أداء دوره الحيوى فى الكون.
اللاهوت

 
إن عبادة أمون (و أمنرع فيما بعد) و الديانة المرتبطة بهما من أعقد ثيولوجيات مصر القديمة. في أسمى صوره كان أمنرع إلها خفيا مثلما يعني اسمه، و لكن لاهوتيا فلم يكن الإله وحده خفيا، بل إن اسمه خفي أيضا و أن شكله لا يمكن إدراكه. بكلمات أخرى إن الغموض المحيط بأمون سببه هو كماله المطلق، و في هذا كان مختلفا عن كل الآلهة المصرية الأخرى. كانت قداسته بمكان بحيث أنه ظل منفصلا عن الكون المخلوق. كان مرتبطا بالهواء و لهذا كان قوة خفية، مما سهل له الترقي كإله أعلى.
اعتبر أمون خالقا لنفسه ، (إلا أن مدرسة هِرموبوليس (الأشمونين\شْمون\خِمنو) اللاهوتية الأقدم اعتبرته أحد الآلهة في الأجدود، الثامون المعروف باسمها)، كما كانت له القدرة على التجدد و إعادة خلق نفسه التي مُثلت بقدرته على التحول إلى أفعى و طرح جلده، و مع هذا فقد ظل مختلفا عن الخلق، منفصلا و مستقلا عنه.
بتوحده مع رَع، الشمس، تجلى أمون للخلق، و لهذا جمع أمنرع في نفسه النقيضين الإلهيين: فهو بصفته أمون كان خفيا و غامضا و منفصلا عن العالم، و بصفته رع كان جليا و ظاهرا و مانحا للحياة اليومية. بنفس المنطق كان ارتباطه بماعت، المفهوم المصري للعدل و التوازن في الكون.
سهلت طبيعة أمون الخفية اقترانه بالآلهة الأخرى. في طيبة ارتبط أمون بادئ ذي بدء بمونتو، إلهها القديم، ثم جاء اقترانه برَع، و تلى ذلك اقترانه بآلهة أخرى، فعرف بالأسماء أمنرعأتوم و أمنرعمونتو و أمنرعحُراختي و مينأمن. و هنا تجب ملاحظة أن أمون لم يكن يندمج في الآلهة الأخرى لخلق إله جديد، بل كان اقترانه توحدا للقدرة الإلهية.
في أوج عبادة أمونرع، اقتربت الديانة المصرية كثيرا من كونها ديانة توحيدية، حيث أصبح الآلهة الآخرون أوجهاً لقدرته، أو تجليات له. باختصار أصبح هو الإله الأوحد و الأعلى.
كانت زوجته أحيانا تدعى أمونت، الصيغة المؤنثة لأمون، و لكنها غالبا ما كانت تعرف بالاسم موت، و كان لها رأس إنسانة مرتدية التاج المزدوج للوجهين القبلي و البحري، و كان ابنهما هو خونسو، القمر. معاً شكلوا ثالوث طيبة.
ذهب البعض إلى أن أمون كان إلها حديثا نسبيا في الديانة المصرية القديمة، حيث أن عبادته في طيبة - حيث توجد أقدم معابده - لم توثق إلا ابتداء من الأسرة الحادية عشرة، و لكنه في الحقيقة وجد مذكورا في متون الأهرام التي ترجع لعصر الملكأُناس، الأخير في الأسرة الخامسة، و التي تظهره كرمز للقوى الخالقة، متوافقا مع دوره في ثامون هِرموبوليس، مما يعطي وجوده قدما أكبر.
يحتمل أن عبادة أمون بدأت في هِرموبوليس، أو أنه في البداية كان إلها محليا لطيبة عندما كانت لا تزال بلدة غير ذات أهمية كبيرة.





صعوده
عندما ظهرت الأسرة الحادية عشرة من إقليم هيرمونثيس (أرْمـَنـْت)، أو ربما من طيبة نفسها، أغدقت على معبد الكرنك بالتماثيل و العطايا. عندما تمكن ملوك الأسرة السابعة عشرة الطيبيون من طرد الهِكسوس، أصبح لأمون، إله العاصمة الملكية، شأن كبير باعتباره حامي مصر.
و عندما حمل ملوك الأسرة الثامنة عشرة السلاح خارج الحدود المصرية المعروفة حتى ذلك الوقت في حملات عسكرية ناجحة على سورية و النوبة و ليبيا، أصبح أمون إلها قوميا لمصر، تعرف به عالميا، طامسا نور كل الآلهة الآخرين و مثبتا مكانته فوق آلهة البلاد الأجنبية، فشاعت عبادته في النوبة و ليبيا اللتان كانت الثقافة المصرية شائعة فيهما. نسب ملوك مصر كل انتصاراتهم و إنجازاتهم و أمجادهم إلى أمون و أغدقوا الثروة و العطايا و الغنائم على معابده. في هذا الوقت حل أمون محل الإله المحارب مونتو كإله رئيس لمدينة طيبة، و أصبح ملكا للآلهة.
أصبح أمون إله النوبة في عصر الأسرة الخامسة و العشرين، كما كان كهنة أمون في مملكة بلانة (ناباتيا) و مِرْوِه يتحكمون في جميع شئون الدولة ، فيختارون الملك و يوجهون حملاته العسكرية، بل و أحيانا يرغمونه على الإنتحار كما ذكر ديودورس الصقلي. استمر ذلك حتى القرن الثالث قبل الميلاد عندما قام أركامان (Arkamane (Ergamenes)?) بذبح الكهنة.
تواكب صعود أمون إلى مرتبة الإله القومي و العالمي مع ازدياد أهمية طيبة. هذا الصعود تسارع مع تولي أمنمحت الأول (سِـحِـتِـپ اِب رَع) الحكم في طيبة و تأسيسه الأسرة الثانية عشرة، و بلغ أوجَه في عصر الدولة الحديثة عندما كان يُحتفى به في عيد أُپـِت. اقترن اسم أمنمحت مؤسس هذه الأسرة باسم الإله أمون و حمله من بعده ثلاثة من خلفاءه، كما اتخذ ملوك طيبيون عديدون من المملكة الوسطى الاسم نفسه فيما بعد.
في شعائر عيد أُپـِت، كان تمثال أمون يحمل على قارب من الكرنك إلى طيبة (الأقصر) ليحتفى بزواجه من موت بصفته كاموتإف لينجبا خونسو ليكتمل ثالوث طيبة، و هو في هذا الدور كان يمثل قدرة الخلق.
تمتع أمون بشعبية كبيرة بين الناس حيث كان ينادى بنصير الفقراء، وأنه يحمي الضعيف من القوي، و حامي العدالة، و كان على من يطلب العون من أمون أن يثبت نقاءه أو أن يتطهر من ذنوبه أولا.
كان ارتباط أمون بالملكية المصرية يعني أن يستمد الملك قوته منه باعتباره ابنا له مثل ما حدث عندما وجدت الملكة حَتْشِـپْسوت (ماعت كارع) فيه نصيرا لها، فعظمته و نفسَها بأن أعلنت أنها ابنته، و بنت معبدها في الدير البحريٍٍ باسمه. و طبقا للاهوت الرسمي في الدولة الحديثة كان أمنرع هو الذي يحكم مصر من خلال الملك، و يظهر مشيئته من خلال كهنته. لكن مع ازدياد أهمية الإله ازدادت قوة كهنته و سطوتهم ففرضوا سيطرتهم على الساحة السياسية، و وصل الحال إلى أن حكمت مصر سلالة من الملوك الكهَّان هي الأسرة الحادية و العشرين.

صُوِّر أمون في هيئة آدمية، مرتديا تاجا يخرج منه شكلان متوازيان، مستطيلان و دائريّا الطرف، ربما يمثلان ريشتان عظيمتان من ذيل الصقر المستعارتان من الإله مين. يوجد نمطان شائعان لتصويره: في واحد منهما يصور جالسا على عرش، و في الآخر يصور في وضع القضيب منتصبا (ithyphallic) ممسكا في يده سوطا، تماما مثلما صور الإله مين. و من المرجح أن هذا التصوير الأخير هو شكله الأصلي الذي عرف به باعتباره إلها للخصوبة، الذي يؤدي أمامه الملك الطقوس الشعائرية الرمزية لفلاحة الأرض أو حصاد الغلة.

إبان الأسرة الثامنة عشرة اعتبرت الإوزة المصرية (chenalopex) مقدسة كتجسد لأمون، و لكنه كان يُمثل أكثر باعتباره الكبش وفير الصوف ذي القرنين المعقوفين الذين أصبحا يعرفان باسمه قرنا أمون و وجد ممثلا بهذه الصورة منذ عهد أمنحوتب الثالث . (في المقابل ارتبط نوع الكباش المحلي القديم ذي الشعر المرسل و القرون المستقيمة المبرومة بالإله خنوم). كما ظهر أيضا في صورة إنسان برأس ضفدع، ممثلا لدوره في الأجدود.
أحيانا كان اسم الإله الشمس رع يقرن باسم أمون ليصبح أمنرع، خصوصا عندما كان يشار إليه باعتباره "ملك الآلهة" ابتداء من الأسرة الثامنة عشرة، حيث كان حكم السموات في الكوزمولوجياالمصرية للإله رع. عندما نقل أمنمحت الأول العاصمة إلى اتجتاوي (عند طرف الدلتا؛ لم تكتشف بعد و يمكن أن تكون ليشت) ازدادت أهمية هذا الاقتران برَع سياسيا و لاهوتيا و هو ما كان أمرا منطقيا بالنسبة لإله متفوق كأمون، الذي كان يلقب أيضا "ملك تاجي الأرضين".
في العصور اليونانية كان أمونرع أحيانا يصور برأس رجل ملتح و جسم جعران و جناحي صقر و قدمي إنسان و مخالب أسد، و ذلك بقصد إضفاء صفات عديدة و مختلفة عليه.

الأفول
بدءا من حكم تحوتمس الرابع من الأسرة الثامنة عشرة و في الوقت الذي وصلت فيه عبادة أمون إلى أوجها، بدأ تقديس صورة مجردة للشمس تتمثل في أتِن، بالظهور. حتى أحمس مؤسس الأسرة وُجد نقش يمتدحه بأنه أتن عندما يسطع. وصلت عبادة أتن إلى الأوج عندما حرم الملك أمنحتب الرابع، الذي أصبح الملك الموحد أخِناتِن عبادة أمون. فشل أخِناتِن في فرض عبادة الإله أتِنعلى الشعب كما فشل في القضاء على سطوة كهنة أمون الأقوياء، فعادت الديانة القديمة إلى ما كانت عليه بعد موته و دمرت آثار و معابد أتن و هجرت عاصمتهأخِتْاتِن (العمارنة) إلى طيبة مرة أخرى على يد خليفته توتعنخأمن. في الفترة التي تلت عودة عبادة أمون كتبت ترانيم و صلوات لأمنرع تكاد تكون توحيدية في صياغتها و معناها.
بعد زوال الأسرة العشرين تحول مركز الثقل عن طيبة و بدأت سلطة أمون في الخفوت. حاول الملوك الكهنة في الأسرة الحادية و العشرين حفظ هيبة أمون بقدر استطاعتهم، و مع أن عاصمة الأسرة الثانية و العشرون كانت في الشمال، إلا أن كهنة أمون استمروا في لعب دور هام في العاصمة العتيقة طيبة.
باستمرار ضعف الحكم ازداد الانقسام بين الوجهين القبلي و البحري، و بدءا من ذلك الزمان كان تبجيل الملوك النوبيين لأمون الذي سادت عبادته في أرضهم طويلا هو الذي حفظ لطيبة مكانتها، فجعلوها عاصمة ملكهم بالرغم من أن ثروتهم و نفوذهم الثقافي لم يكونا بالتأثير الكافي.
كان أمون هو إله طيبة حتى في زمن تدهورها، بالإضافة إلى أنه كان الإله الأهم لعدد من حواضر الدلتا و معابد صغيرة عديدة من بلدة الهيبة في مصر الوسطى إلى كانوپس على البحر المتوسط(بالقرب من أبي قير)؛ كما كان يمثل إلى حد ما التطلعات القومية المحلية لمصر العليا في مواجهة مصر الوسطى و الدلتا.
عرافة سيوة
كانت عرافة شهيرة قد تأسست لعدة قرون في معبد أمون في واحة سيوة في الصحراء الليبية و التي كانت تتمتع باستقلالية كبيرة عن ملوك وادي النيل، و اشتهرت عندما اختفت بدون أثر الحملة الفارسية التي وجهها قمبيز لتدمير المعبد.
اشتهرت عرافة أمون عند الإغريق لدرجة أن الإسكندر الأكبر ارتحل إليها بعد معركة إسّوس ليحصل على مباركتها و ليتوج ملكا على مصر و ليسمى ابنا لأمون، كما كان ملوك الأسرة الثامنة عشرةيعتبرون أبناء أمون، الذي أخصب الملكة الأم ، و أحيانا ما ارتدوا قرني الكبش، و هكذا صور الإسكندر مرتديهما على العملات المضروبة.
علاقته بآلهة أخرى
وجد إله أمازيغي له اسم مشابه و يتشابه مع أمون في بعض صفاته هو حمون، و تشكل سيوة نقطة استناد رئيسية لنظرية تقترح وجود علاقة ما بينهما، كما توجد دراسات توضح أن علاقة ما قد توجد بينهما بافتراض أن اسمه مشتق من كلمة أمازيغية(التي تمت بصلة قرابة للمصرية في نفس العائلة اللغوية) تعني 'ماء' و إن كان هذا غير مؤكد في ضوء المعارف الحالية. كما يعتقد النوبيون أنه أصلا من منطقة جبل بركل (حاليا في شمال السودان). و من المحتمل أنه كانت توجد آلهة محلية لدى هذه الشعوب تشبه في صفاتها أمون مما سهل تقبلها له فدمجت بينه و بين آلهتها المحلية كما تشرب هو صفاتها لديهم، و من المحتمل أيضا أنه وجدت لأمون أصول مغرقة في القدم (ربما تعود إلى ما قبل التاريخ) لدى الشعوب الأفريقية القديمة التي تشكل أصول كل هذه الشعوب من نوبيين و أمازيغ و باقي سكان وادي النيل.


علاقته بآلهة أخرى
وجد إله أمازيغي له اسم مشابه و يتشابه مع أمون في بعض صفاته هو حمون، و تشكل سيوة نقطة استناد رئيسية لنظرية تقترح وجود علاقة ما بينهما، كما توجد دراسات توضح أن علاقة ما قد توجد بينهما بافتراض أن اسمه مشتق من كلمة أمازيغية(التي تمت بصلة قرابة للمصرية في نفس العائلة اللغوية) تعني 'ماء' و إن كان هذا غير مؤكد في ضوء المعارف الحالية. كما يعتقد النوبيون أنه أصلا من منطقة جبل بركل (حاليا في شمال السودان). و من المحتمل أنه كانت توجد آلهة محلية لدى هذه الشعوب تشبه في صفاتها أمون مما سهل تقبلها له فدمجت بينه و بين آلهتها المحلية كما تشرب هو صفاتها لديهم، و من المحتمل أيضا أنه وجدت لأمون أصول مغرقة في القدم (ربما تعود إلى ما قبل التاريخ) لدى الشعوب الأفريقية القديمة التي تشكل أصول كل هذه الشعوب من نوبيين و أمازيغ و باقي سكان وادي النيل.
باعتباره ملكا للآلهة، ربط اليونانيون بين أمون و زيوس، كما ربطوا بين موت و هيرا. كما ارتبط خنوم بزيوس أيضا ربما بسبب شبهه بأمون، و بما أن نوع الكبش المميز له انقرض مبكرا، أصبح خنوم أيضا يرتبط بكبش أمون.
قدس الإغريق أمون ، كما زاوج الفينيقيون بين بعل و حمون (أمون الأمازيغي) في صورة الإله بعل حمون.